إذا أردت أن تعرف أهمية القراءة بالنسبة للفرد والمجتمع فإن هذا لن يكلفك سوى نظرتين، الأولى لأول ما دُوِّن في الكتاب المقدس والثانية لأول ما نزل من القرآن الكريم، فالنظرة الأولى ستقع على “في البدء كان الكلمة” والأخرى ستلمح “اقرأ باسم ربك الذي خلق”، لذا فأنت أمام حقيقة لا يتنازع فيها اثنان وهي أن أول فرائض الله إلى الإنسان كانت فريضة القراءة، فأشهر الكتب السماوية على الإطلاق تقرر هذا المعنى تلميحًا وتصريحًا.
وبالرغم من أن هذا كافٍ جدًا لكي ندرك فوائد القراءة ونحمل أنفسنا عليها حملًا، إلا أننا في هذا المقال سنتتبع العديد من الدراسات والحقائق التي تعزز لدينا الشعور بأهمية القراءة وضرورة أن تكون جزءًا من روتين حياتنا ووجبة أساسية في بيوتنا.
ما هي القراءة؟
تعتبر القراءة أحد المهارات التي يكتسبها الإنسان بغرض تنمية قدرات التفكير لديه، والاطلاع على الثقافات الأخرى، ومعرفة آخر ما توصل له العلم في المجالات المختلفة وخاصة المجال الذي يتخصص فيه.

وتعد القراءة عملية معرفية لها فوائد عديدة حيث تساعد على اكتساب أنواع مختلفة من الفهم، من شأنها إحداث التحفيز اللازم للإرتقاء بجودة حياة الأفراد والمجتمع بشكل عام.
القراءة عبارة عن تفكيك رموز وشفرات تسمى في اللغة بالحروف، وهذه الحروف هي مصدر لتكوين الكلمات، والكلمات هي حجر الأساس لكل النصوص، والنصوص تصنع الكتب، والكتب هي الوعاء الذي يحمل بين طياته العلوم، والعلوم هي غذاء العقل والروح، وذلك لأنها تملأ الفراغ العقلي الذي نولد به، “وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (سورة النحل: 78).
مما سبق يمكن أن نقول أن القراءة هي عملية عقلية الغرض منها استيعاب الكلمات المكتوبة، وفهم الرسائل التي تريد إيصالها إلينا.
ما أهمية القراءة في حياتنا؟
لم أكن أعلم أن الكتابة عن أهمية القراءة وفوائدها ستكون بهذه الصعوبة إلا حين جلست أمام جهاز الكمبيوتر لأكتب هذا المقال.
الصعوبة تكمن في أنه مطلوب مني أن أوضح شيئًا هو بالنسبة لي كالماء والهواء، فحصولنا على المعرفة التي هي قوت العقول لا يقل أهمية عن تناولنا لقوت البطون، ولعل هذه الصدمة الخاصة بي يمكن أن تقودنا إلى السبب الأول الذي يوضح أهمية القراءة بالنسبة لنا وهو التوازن.
القراءة تساعد على التوازن
ما حقيقة الإنسان؟ ومما يتكون؟ وكيف يصل للسعادة؟
كلها أسئلة وجودية أكاد أجزم أنه لا يوجد إنسان من أول الخليقة إلى هذه اللحظة إلا ومرت هذه الأسئلة بخاطره.

التوازن… هو أكثر الإجابات منطقية وفاعلية بين الإجابات المطروحة كجواب على سؤال: كيف نصل للسعادة؟ ولكن سيتبادر للذهن سؤال آخر وهو: في أي شيء سيكون التوازن؟ فنقول أن التوازن سيكون بين أربعة أشياء وهي: العقل والقلب والنفس والجسد.
ومن هنا نعلم أن الاضطرابات تغزو حياتنا عندما يزداد اهتمامنا بأحد هذه الجوانب على حساب الجوانب الأخرى، والتوازن سيحدث عندما ننمو في الاتجاهات الأربعة نموًا متوازيًا.
القراءة كفيلة بأن تحقق لك النمو في الجانب المعرفي والعقلي، ولعل هذه أول القناعات العقلية التي يجب أن تعتنقها إذا كنت تخطط لجني فوائد القراءة وأن تكون القراءة جزءًا من يومك.
نمو العقل سيقودنا إلى السبب الثاني الذي يبين لنا أهمية القراءة على مستوى الفرد والمجتمع.
أهمية القراءة كأحد عوامل التغيير
حلم تغيير العادات وروتين الحياة يحتل مرتبة عالية في قائمة أحلامنا التي نحدث بها أنفسنا دائمًا.

ولأن التغيير الحقيقي يبدأ بتفكيك القناعات والأفكار والمعتقدات التي تعرقل رغبتنا في التغيير، فإن القراءة قادرة على فعل ذلك وبقوة.
تكمن أهمية القراءة في أنها تمنحك النتائج التي تظهر بناءً على اعتناق فكرة أو قناعة ما، لذلك فلجوئك للقراءة عن ما تود تغييره واستبدال قناعاتك بأخرى جديدة هي أول خطواتك الفعلية نحو التغيير الحقيقي.
القراءة ترفع قيمتك
قيمة الإنسان المادية والمعنوية تساوي قيمة ما يمكنه عمله.
والعمل الصحيح المثمر لا يكون إلا عن علم، والقراءة هي أهم الوسائل لتحصيل العلم وتنمية المهارات.

قيمتك عند الله وبين الناس تتوقف على ما في رأسك من علم وما بين يديك من مهارة، فالله تعالى جعل العلم وسيلة تعزيز لقيمتك فقال على سبيل الوعد “يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” ويؤكد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على أهمية العلم فيقول: “فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب”.
لذا فإن كنت باحثًا عن زيادة قيمتك المادية والمعنوية، فعليك بالقراءة التي ستختصر عليك الكثير من الوقت والجهد، خصوصًا إذا كنت تتبع الطرق الفعالة في القراءة، مثل طريقة القراءة السريعة التي تمكنك من قراءة كتاب بحجم مائتي صفحة في أقل من ساعة تقريبًا، ويعد المدرب المصري محمد شاكر من أوائل رواد تعليم هذه المهارة على مستوى مصر والعالم العربي.
القراءة تزيد في عمرك
القراءة لها أهمية كبيرة في زيادة عمرك بالمعنى الحقيقي وكذلك المعنوي.

من ناحية الزيادة الحقيقية فإن الدراسات العلمية تشير إلى أن فوائد القراءة تتجاوز زيادة المعرفة للفرد القاريء، حيث تؤثر القراءة بصورة مباشرة على صحة الدماغ وسلامته وتقلل فرص الإصابة بالزهايمر وتقوي الذاكرة وتقي من الاكتئاب وكذلك التوتر وتزيد من التركيز، كما تجعل الوصلات العصبية اكثر سرعة، وكل هذا يجعل القراءة تساهم بصورة أو بأخرى في تحسين جودة حياتك.
أما على الصعيد المعنوي فإن أهمية القراءة تزداد أضعافًا مضاعفة، حيث:
- تساعد على زيادة حصيلة المفردات اللغوية ما يعني قدرة أفضل على التواصل.
- تعمل على توسيع الآفاق والمدارك الناتج عن الاطلاع على الثقافات والحضارات الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى استثمار هذه المعرفة في تطوير الطريقة التي نعالج بها المواقف المختلفة التي نتعرض لها.
- إسهام القراءة في زيادة القدرة على التحليل وفهم الأحداث بصورة أعمق.
ويمكن إجمال أثر القراءة على أعمارنا بمقولة الأديب العظيم عباس محمود العقاد “القراءة تضيف إلى عمر الإنسان أعماراً أخرى”.
أهمية القراءة للأطفال
الأطفال هم أهم الثروات لدى البلدان التي تقدر قيمة الإنسان.

لذلك فإن دخول القراءة في حيز إدراك الطفل باكرًا يعد أمرًا من الأهمية بمكان، وتكمن أهمية القراءة للطفل في أنها تنمي الخيال لديه كما تساعد في تحفيز عملية تعبير الطفل عن نفسه وعن احتياجاته ومشاعره بقوة لأنه يمتلك الوسيلة لذلك وهي الكلمات التي اكتسبها من خلال القراءة في الكتب.
في الختام…
ينبغي أن نعرف أن أهمية القراءة وفوائدها لا يمكن حصرها في مقال واحد، فالقراءة هي المفتاح الأول لتحصيل المعرفة والعلم، وامتلاك المعلومة الآن أصبح من الكنوز الحقيقية التي يسعى الجميع إليها، فامتلاكك معلومة يعني أنك تمتلك كنزًا يبحث عنه الجميع.